“عطلة الصيف”

ADEL ALREFAIE

اﻋﺗدت ﻣﻧذ ﻧﻌوﻣﺔ أظﻔﺎري ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎء اﻟﻌطﻠﺔ اﻟﺻﯾﻔﯾﺔ ﻓﻲ إﺣدى اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ - اﻟﻌزﯾزة ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺑﻲ - ﻣﻊ ﺑﺎﻗﻲ أﻓراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟﻣﻘﯾﻣﯾن ﻓﯾﮭﺎ، ﺣﯾث ﻛﻧت ﻻ أراھم وﻻ أﻟﻘﺎھم إﻻ ﺧﻼل اﻟﻌطﻠﺔ اﻟﺻﯾﻔﯾﺔ وﻋطﻠﺔ ﻣﻧﺗﺻف اﻟﻌﺎم ﻓﻲ اﻟﺷﺗﺎء. ﻛﻧت أﻋد اﻟﺷﮭور واﻷﯾﺎم ﻣﻧﺗظرا واﻟدي ﻟﯾﻘوﻻ ﻟﻲ: (إن رﺣﻠﺗﻧﺎ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﺳﺗﻛون ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻼﻧﻲ)، وﻛﻧت أﺿﺑط اﻟﻣﻧﺑﮫ ﻓﻲ ھﺎﺗﻔﻲ اﻟﻣﺣﻣول (ﻧوﻛﯾﺎ) وﻛﻠﻲ ﻟﮭﻔﺔ ٌ وﺷوق ٌ؛ ﻣﻧﺗظر اً ﻗدوم اﻟﯾوم اﻟﻣوﻋود. ﻛﻧت أرﺗب أﻏراﺿﻲ ﻗﺑل ﻣوﻋد اﻹﻗﻼع ﺑﯾوم ﻛﺎﻣل وأﻧﺎم ﻣرﺗدﯾﺎً ﺣﻠﺔ اﻟﺳﻔر اﻟﺟدﯾدة، ﻓﻘد ﻛﺎن ھذا اﻟﯾوم ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﯾوم ﻋﯾد ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻲ. ﻓﻲ اﻟطﺎﺋرة ﻛﻧت أﺗﻌﺎرك ﻣﻊ إﺧوﺗﻲ ﻷﺟﻠس ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻌد اﻟﻧﺎﻓذة، ﻷﻣﺗﻊ ﻋﯾﻧَﻲ ﱠ ﺑﻣﺷﺎھدة اﻟﻣﺳﺎﺣﺎت اﻟﺧﺿراء واﻟﻣدن اﻟﺧﻼﺑﺔ. ﻣﺎ أﺟﻣﻠﮭﺎ ﻟﺣظﺔ اﻟوﺻول وﻟﻘﺎء اﻷﺣﺑﺔ واﻷﺻدﻗﺎء. ﻛﻧﺎ ﻧﺗوﺟﮫ ﻓور وﺻوﻟﻧﺎ إﻟﻰ أﺣد اﻟﻣطﺎﻋم اﻟﺷﮭﯾرة واﻟﻘرﯾﺑﺔ ﻣن اﻟﻣطﺎر ﻟﺗﻧﺎول وﺟﺑﺔ اﻟﻐداء. ﻻ أﺳﺗطﯾﻊ أن أﻧﺳﻰ ﻣدى روﻋﺔ اﻟﻣﻛﺎن وﺟﻣﺎل اﻷﺟواء اﻟﻌﺎﺋﻠﯾﺔ اﻟﺣﻣﯾﻣﺔ. وﺑﻌدھﺎ ﻧﻧطﻠﻖ إﻟﻰ إﺣدى اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺟﺑﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻷرﯾﺎف ﻟﻧﺳﺗﻣﺗﻊ وﻧﻘﺿﻲ وﻗت اﻟﻌطﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺻﯾف. ﻓﻲ ﺻﺑﺎح ﻛل ﯾوم ﻛﻧت أذھب ﻣﻊ ﺟدي ﺑﺻﺣﺑﺔ أﻗراﻧﻲ ﻣن اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ إﻟﻰ إﺣدى اﻷﺳواق اﻟﻘرﯾﺑﺔ ﻣن اﻟﻣﻧزل ﻟﺷراء اﻟﺧﺿراوات واﻟﻔواﻛﮫ اﻟطﺎزﺟﺔ ﯾوﻣﯾﺎً. ﺗﻣﺗﺎز ھذه اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﺑﺎﻟﮭدوء واﻟﺳﻛﯾﻧﺔ ﺧﻼل أﯾﺎم اﻷﺳﺑوع، وﺑﺎﻟﺻﺧب واﻻزدﺣﺎم ﺧﻼل ﻋطﻠﺔ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻷﺳﺑوع، ﺣﯾث ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺗﻧﻔس اﻟﻣﻔﺿل ﻷھل اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻟﻘﺿﺎء أﺟﻣل وأﺳﻌد اﻷوﻗﺎت ﻓﻲ اﻷرﯾﺎف اﻟﺑﺎردة ﻧﺳﺑﯾﺎً ﻓﻲ اﻟﺻﯾف اﻟﺣﺎر. وﻓﻲ إﺣدى اﻟزﯾﺎرات اﻷﺧﯾرة ﻓﻲ ﺷﮭر ﻓﺑراﯾر ﻟﻌﺎم 2011، ﻛﻧت ﺟﺎﻟﺳ ﺎً ﻣﻊ ﺟدي أﺗﺎﺑﻊ أﺣداث اﻟﺛورات واﻻﺣﺗﺟﺎﺟﺎت ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﺷرة اﻷﺧﺑﺎر ، ﻓﺳﺄﻟﺗﮫ ﺑﻧﺑرة اﻟﺗﻌﺟب واﻻﺳﺗﻐراب: (ھل ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﯾﺣدث ھذا ھﻧﺎ؟!) ﻧظر إﻟﻲﱠ ﺑﻧظرة ﻏرﯾﺑﺔ ﻣﻣﺗزﺟﺔ ﺑﺑﻌض اﻟﺧوف واﻟﻘﻠﻖ وﻗﺎل: (أﺳﺄل اﻟﻣوﻟﻰ أن ﯾﺣﻔظﻧﺎ). ﻋﻧدﻣﺎ رﺟﻌت إﻟﻰ وطﻧﻲ ﺗﻔﺎﺟﺄت ﺑﺑداﯾﺔ أﺣداث اﻻﺣﺗﺟﺎﺟﺎت واﻟﻣظﺎھرات ھﻧﺎك. اﻧدھﺷت ﻣﻣﺎ رأﯾت وظﻧﻧت أن ھذه اﻻﺣﺗﺟﺎﺟﺎت ﻛﺎﻧت ﻋﺎﺑرة ﺳﺑﯾل وﻧﮭﺎﯾﺗﮭﺎ ﺑﻌد أﯾﺎم، ﺣﯾث ﻟم أﻛن أﻓﻘﮫ ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺟري ﺑﺳﺑب ﺻﻐر ﺳﻧﻲ وﻗﻠﺔ ﻋﻠﻣﻲ. وﻣﻊ ﻣرور اﻟوﻗت وﺗﺗﺎﺑﻊ اﻟﺳﻧﯾن، ﻛﻧت أﺷﺎھد اﻷﺣداث ﺑﺻدﻣﺔ ﻣﺗرﻗﺑﺎً ﻟﻣﺎ ﺳﯾﺣدث. ﻛﻧت أﺷﺎھد اﻟﻘﻧوات اﻟﺗﻠﻔزﯾوﻧﯾﺔ واﻷﺧﺑﺎر ﻓﻲ وﺳﺎﺋل اﻟﺗواﺻل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﻧدھﺷﺎً ﻣن اﻟوﺿﻊ اﻟذي اﻧﻘﻠب إﻟﯾﮫ اﻟﺣﺎل و ﺗﺣول اﻟﻣظﺎھرات إﻟﻰ ﺣرب ﻗﺎﺳﯾﺔ وﻣؤﻟﻣﺔ، و اﻟﻌﻣﺎرات اﻟﺷﺎھﻘﺔ إﻟﻰ ذرات ﻣن اﻟﻐﺑﺎر. ﺑﻌد ﻋدة ﺳﻧوات، ﻓﻲ ﺻﯾف ﻋﺎم 2017 ﻧوﯾت أﻧﺎ وﻋﺎﺋﻠﺗﻲ اﻟذھﺎب وزﯾﺎرة ﺑﻌض اﻷﻗﺎرب اﻟذﯾن اﻧﻘطﻌﻧﺎ ﻋﻧﮭم ﻟﻔﺗرة طوﯾﻠﺔ. ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻷﻣر ﻛﻧت ﺷدﯾد اﻟﺧوف واﻟﺗوﺗر ﻟِﻣﺎ ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﯾﺣدث ﻟﻲ رھﺑﺔً ﻣن أن أﺻﺑﺢ أﺣد ﺿﺣﺎﯾﺎ ھذه اﻟﺣرب. وﺑﻌد ﺗﻔﻛﯾر وﺗﺄﻣل ﻋﻣﯾﻘﯾن ﻗررﻧﺎ أن ﻧﺣزم ﺣﻘﺎﺋﺑﻧﺎ وﻧزورَ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺟﻧﺔ ﻓﻲ اﻷرض. ﺧﻼل اﻟرﺣﻠﺔ ﻛﺎﻧت ﺗراودﻧﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﺷﺎﻋر ، ﻛﯾف ﺳﺗﻛون اﻟﻣدن ﺑﻌد ﺣرب وﻣﻌﺎﻧﺎة داﻣﺎ ﻷﻛﺛر ﻣن ﺳﺗﺔ أﻋوام؟ وﺑﻌد رﺣﻠﺔ داﻣت ﺳﺎﻋﺗﯾن وﺻﻠﻧﺎ ﻓﻲ ﺗﻣﺎم اﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﺗﺎﺳﻌﺔ ﻣﺳﺎءً، ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ زﯾﺎدة اﻟﺧوف واﻟرھﺑﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺑﻲ ﺣﯾث ﺳﻣﻌت أن ﺣﺎﻻت اﻟﺳرﻗﺔ واﻟﺧطف ﻋﻠﻰ طرﯾﻖ اﻟﻣطﺎر ﺗزداد ﻣﺳﺎء ً. ﺧﻼل اﻟطرﯾﻖ إﻟﻰ اﻟﻔﻧدق ﻓﻲ ﻗﻠب اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﻟم أﺳﺗطﻊ رؤﯾﺔ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﺑﺳﺑب اﻟظﻼم اﻟﺣﺎﻟك اﻟذي ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﯾﮭﺎ. ﻓﻲ ﺻﺑﺎح اﻟﯾوم اﻟﺗﺎﻟﻲ أردﻧﺎ أن ﻧذھب ﻟزﯾﺎرة ﺑﻌض اﻷھل. ﻛﺎن اﻟﮭدوء ﻣﺧﯾﻣﺎً ﻋﻠﻰ اﻷﺟواء اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣدﯾﻧﺔ وﻣن اﻟﺻﻌب ﺟد اً اﻟﻌﺛور ﻋﻠﻰ ﺳﯾﺎرات أو أي وﺳﯾﻠﺔ ﻧﻘل، وﺑﻌد ﻋﻧﺎء طوﯾل رﻛﺑﻧﺎ واﻧطﻠﻘﻧﺎ. ﻛﺎن اﻟطرﯾﻖ ﻣزدﺣﻣﺎً، وﻟﻛن ﻟﯾس ﺑﺎﻟﻧﺎس ﺑل ﺑﻧﻘﺎط اﻟﺗﻔﺗﯾش اﻟﻣﻛﺗظﺔ ﺑﻘوات اﻟﺟﯾش واﻟﺷرطﺔ، واﻟﻣﺣﺻﻧﺔ ﺑﺎﻟﻣواﻧﻊ واﻟﻔواﺻل اﻟﺧرﺳﺎﻧﯾﺔ. ﻛﺎن اﻟﺗﻔﺗﯾش ذاﺗﯾ ﺎً ﻟﻧﺎ وﻟﻠﻣرﻛﺑﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣرة ﻧﻘﺎﺑل ﻓﯾﮭﺎ ﻧﻘطﺔً، ﻛﺎن اﻟوﺿﻊ ﺷدﯾد اﻹ زﻋﺎج واﻟﻣﺿﺎﯾﻘﺔ. ﻓﻲ اﻟﯾوم اﻟﺗﺎﻟﻲ ﻗررﻧﺎ اﻟذھﺎب ﻟﺑﻌض اﻟﺿواﺣﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻌد ﻋن اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﻗراﺑﺔ اﻟﺳﺎﻋﺔ. وﻛﻣﺎ ﻛﺎن اﻟوﺿﻊ ﻓﻲ ﺻﺑﺎح اﻷﻣس، ﺗﻛرر اﻟﻣﺷﮭد. ﺑﻌد اﻟﺿﺎﺣﯾﺔ ﻋن اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻛﺎن ﺳﺑﺑﺎً ﻻزدﯾﺎد اﻟوﺿﻊ ﺳوءاً ورﻋﺑﺎً. ﻋﻧدﻣﺎ اﻗﺗرﺑﻧﺎ ﺑدأت ﺗظﮭر ﻣﻼﻣﺢ اﻟدﻣﺎر واﻟﮭﻼك ﻋﻠﻰ اﻟﺿﺎﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻋﺗدت ﻗﺿﺎء أﺟﻣل أوﻗﺎت ﺣﯾﺎﺗﻲ ﻓﯾﮭﺎ، ﻟم أﻗدر ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻣل ھول وﺑﺷﺎﻋﺔ اﻟﻣوﻗف واﻟﻣﻧﺎظر .اﻟﺗﻲ ﻣررت ﺑﮭﺎ ورأﯾﺗﮭﺎ ﻓﻘررﻧﺎ اﻟﻌودة إﻟﻰ وطﻧﻧﺎ. ﻣﺎزﻟت أذﻛر وﻗﻊ ﺗﻠك اﻟﺗﺟرﺑﺔ.. اﻧﻘﻠﺑت اﻟﻣﺳﺎﺣﺎت اﻟﺧﺿراء واﻟزھور اﻟﺣﻣراء إﻟﻰ ﺣﺑﯾﺑﺎت ﻣن اﻟرﻣﺎد واﻟﺧراب.. وﻣﺎ زﻟت أﺗﺳﺎءل ﻣﺎذا ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣدث ﺑﻌد ذﻟك؟ ﻻ أﺳﺗطﯾﻊ أن أﺗوﻗﻊ. إﻟﮭﻲ ﻟﻘد اﻧﻘﻠب اﻟوﺿﻊ ﺑﯾن ﻟﯾﻠﺔ وﺿﺣﺎھﺎ ﻣن ﺣﺎل اﻟﻰ ﺣﺎل.. ﻓﺄدرﻛت أﻧﮫ داﺋﻣﺎً وأﺑداً دوام اﻟﺣﺎل ﻣن اﻟﻣﺣﺎل.

Next
Next

The Eighteenth and Nineteenth Century: The Devil is in the Details